سورة الحاقة - تفسير تفسير الرازي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحاقة)


        


{فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22)}
ثم قال: {فِى جَنَّةٍ عَالِيَةٍ} وهو أن من صار في {عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ} أي يعيش عيشاً مرضياً في جنة عالية، والعلو إن أريد به العلو في المكان فهو حاصل، لأن الجنة فوق السموات، فإن قيل: أليس أن منازل البعض فوق منازل الآخرين، فهؤلاء السافلون لا يكونون في الجنة العالية، قلنا: إن كون بعضها دون بعض لا يقدح في كونها عالية وفوق السموات، وإن أريد العلو في الدرجة والشرف فالأمر كذلك، وإن أريد به كون تلك الأبنية عالية مشرفة فالأمر أيضاً كذلك.


{قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23)}
ثم قال: {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ} أي ثمارها قريبة التناول يأخذها الرجل كما يريد إن أحب أن يأخذها بيده انقادت له، قائماً كان أو جالساً أو مضطجعاً. وإن أحب أن تدنو إلى فيه دنت، والقطوف جمع قطف وهو المقطوف.


{كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24)}
والمعنى يقال لهم ذلك وفيه مسائل:
المسألة الأولى: منهم من قال قوله: {كُلُواْ} ليس بأمر إيجاب ولا ندب، لأن الآخرة ليست دار تكليف، ومنهم من قال: لا يبعد أن يكون ندباً، إذا كان الغرض منه تعظيم ذلك الإنسان وإدخال السرور في قلبه.
المسألة الثانية: إنما جمع الخطاب في قوله: {كلوا} بعد قوله: {فهو في عيشة} [الحاقة: 21] لقوله: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ} [الحاقة: 19] ومن مضمن معنى الجمع.
المسألة الثالثة: قوله: {مَا أَسْلَفْتُمْ} أي قدمتم من أعمالكم الصالحة، ومعنى الإسلاف في اللغة تقديم ما ترجو أن يعود عليك بخير فهو كالإقراض. ومنه يقال: أسلف في كذا إذا قدم فيه ماله، والمعنى بما عملتم من الأعمال الصالحة: والأيام الخالية، المراد منها أيام الدنيا والخالية الماضية، ومنه قوله: {وَقَدْ خَلَتِ القرون مِن قَبْلِى} [الأحقاف: 17] و{تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ} [البقرة: 134] وقال الكلبي: {بِمَا أَسْلَفْتُمْ} يعني الصوم، وذلك أنهم لما أمروا بالأكل والشرب، دل ذلك على أنه لمن امتنع في الدنيا عنه بالصوم، طاعة لله تعالى.
المسألة الرابعة: قوله: {بِمَا أَسْلَفْتُمْ} يدل على أنهم إنما استحقوا ذلك الثواب بسبب عملهم، وذلك يدل على أن العمل موجب للثواب، وأيضاً لو كانت الطاعات فعلاً لله تعالى لكان قد أعطى الإنسان ثوباً لا على فعل فعله الإنسان، وذلك محال وجوابه معلوم.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10